بداية النهاية بعد العاصفة اللاعب أحمد العكبري

في لحظة فارقة من حياته، تغيّرت مسيرة لاعب كرة القدم الإماراتي أحمد العكبري بشكل جذري. كان أحمد يعيش حياة الحلم، لاعبًا مشهورًا تتجه إليه الأنظار، يحقق الإنجازات ويتلقى الإشادات من الجميع. لكن حادث سير أوقف كل شيء، وأجبره على إعادة النظر في حياته وفي الأشخاص الذين كانوا يحيطون به.

 

قبل الحادث، كان أحمد رمزًا للنجاح والشهرة، حيث عاش في دائرة من الأضواء والاحتفاء الجماهيري. كان يومه مشغولًا بالمباريات، اللقاءات الإعلامية، والتدريبات المكثفة. إلا أن تلك اللحظة، عندما انحرفت سيارته واصطدمت بشجرة على طريق مهجور، لم تكن مجرد حادثة، بل كانت نقطة تحول غيّرت مجرى حياته.

 

استفاق أحمد بعد أيام من الغيبوبة ليجد نفسه في غرفة بيضاء محاطة بأصوات الأجهزة الطبية. تلقى الأطباء خبرًا صادمًا: إصابة جسدية ستمنعه من العودة إلى الملاعب. كان وقع الخبر عليه قاسيًا، لكنه لم يكن الأصعب. مع مرور الوقت، لاحظ أن الأصدقاء الذين وعدوه بالبقاء بجانبه بدأوا يتراجعون واحدًا تلو الآخر، ليكتشف أن كثيرًا من العلاقات كانت قائمة فقط على بريق الشهرة.

 

خلال فترة النقاهة الطويلة، بدأ أحمد يعيد تقييم حياته، مسترجعًا تفاصيل كان يغفل عنها بسبب انشغاله في مسيرته الرياضية. قرر أن يبتعد عن المدينة وضجيجها، فاختار الانتقال إلى منطقة هادئة في العين حيث استأجر مزرعة صغيرة ليعيش حياة أبسط وأكثر هدوءًا.

 

في تلك البيئة الجديدة، وجد أحمد نفسه من جديد. كان يقضي وقته في زراعة النباتات وقراءة الكتب، بعيدًا عن صخب الحياة التي عاشها سابقًا. وخلال أحد الأيام، التقى بمجموعة من الشباب الذين كانوا يلعبون كرة القدم في ساحة شعبية. دعوه للعب معهم، ورغم إصابته، وافق على الانضمام. كانت تلك اللحظة بداية لرحلة جديدة، حيث اكتشف أحمد شغفه بمشاركة معرفته وخبراته مع الآخرين.

 

أدرك أحمد أن إصابته لم تكن نهاية الطريق، بل بداية لمرحلة أكثر عمقًا ومعنى. قرر إنشاء أكاديمية تدريب صغيرة للأطفال، ليس فقط لتعليم كرة القدم، بل لغرس قيم مثل المثابرة والعمل الجماعي. بمرور الوقت، أصبحت الأكاديمية رمزًا للأمل والطموح، واستطاع أحمد أن يكون قدوة للشباب في كيفية مواجهة التحديات.

 

اليوم، يعيش أحمد العكبري حياة هادئة مليئة بالرضا والسلام. ما كان يراه سابقًا ككارثة أصبح الآن نعمة في نظره، إذ اكتشف من خلال الحادث المعنى الحقيقي للحياة. لم يعد يهتم بالأضواء أو التصفيق، بل بات يفتخر بدوره كمعلم وملهم للجيل الجديد.

 

قصة أحمد العكبري ليست مجرد حكاية عن رياضي تعرض لحادث، بل هي درس في الصمود، التكيف، وإيجاد طريق جديد حتى وسط أصعب الظروف. إنها تذكير بأن كل نهاية قد تكون بداية أجمل.

شيخة الحمادي

معلمة تربية خاصة /دكتوراه فخرية في المسؤولية الاجتماعية

الكاتبة شيخة الحمادي معلمة تربية خاصة وحاصلة على دكتوراه فخرية في المسؤولية الاجتماعية