النور الخفي: الإماراتي وإبداعه من صحراء الصمت

في صحراء تمتد بلا نهاية، حيث يبدو كل شيء ساكنًا، تتراقص الرمال مع الرياح كما لو أنها تعرف سرًّا خفيًا. هناك، في هذا الامتداد الصامت، يولد الإبداع الإماراتي. ليس في المباني الشاهقة ولا في المدن المتألقة فقط، بل في الفراغ، في الصمت، في التفاصيل الصغيرة التي لا يلتفت إليها أحد.
الإماراتي يشبه نسيم الليل البارد على الرمال؛ لا يُرى لكنه محسوس، يلمس كل شيء برفق ويصنع تغييرات خفية. يتعلم كيف يصنع الضوء من الظلام، كيف يحوّل الصمت إلى لوحة، والرمال إلى موسيقى، والذكريات القديمة إلى قصص معاصرة.
تخيّلوا سبع صبايا وشبانًا من مختلف الإمارات، كل واحد يحمل شعلة صغيرة، يجتمعون على شاطئ الكورنيش ليلاً، ويبدأون برسم خريطة ضوء خفية على الرمال، لا تراها العيون إلا عندما تشرق الشمس. هذا هو الإبداع الإماراتي: رؤية ما لا يراه الآخرون، وصنع جمال لا يُقاس إلا بالتجربة والمخاطرة.
في كل زاوية من الإمارات، هناك حكاية تنتظر من يلتقطها. نخلة وحيدة على حافة واحة، ظل مبنى قديم، صوت البحر عند مدّ الجزر، وحتى صوت خطوات أحدهم على رمال الصحراء… كل ذلك يمكن أن يتحوّل إلى إبداع نابض بالحياة.
الإبداع هنا ليس هدفًا بحد ذاته، بل رحلة مستمرة. الرياح قد تعيق، والرمال قد تحجب، لكن الإماراتي يكتشف طرقًا جديدة دائمًا: يبدع، يتكيّف، يُعيد تشكيل الواقع كما يريد، ويترك أثره في كل ما يلمسه.
النور الخفي لا يُقاس بالماديات، بل بالمقدرة على تحويل التحديات إلى فرص، والصمت إلى قصة، والفكرة إلى ضوء يُلهم الآخرين. هو درس في الصبر، في المثابرة، في الابتكار الذي ينبع من الداخل قبل الخارج.
في النهاية، النور الخفي مثل رمل الصحراء، يتوزع في كل مكان، لكنه ينتظر من يلتقطه ويحوّله إلى إبداع حقيقي، يضيء الطريق للأجيال القادمة، ويثبت أن الإمارات، أرض الصحراء والبحر، هي موطن النور الخفي الذي لا ينطفئ أبدًا.

 

بقلم الكاتبة: شيخة الحمادي